تعاني الدول العربية مثلها مثل الدول النامية عموما من ظاهرة التخلف بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن اهم ملامح هذا التخلف خاصة تلك التي تنعكس سلبا على الرأي العام ودراساته ومن أهمها: انخفاض مستوى دخل الفرد بصفة عامة، وتراجع في حجم واهمية ودور الطبقة الوسطى وتآكلها مما يفقد المجتمع ما توفره هذه الطبقة من عوامل الاعتدال والتوازن والحيوية والاهتمام التيتعد أساسا لقيام رأي عام فعال، وانخفاض مستوى الوعي عند شرائح آخذة في التزايد، وارتفاع معدلات الأمية وانخفاض مستويات التعليم وعدم ارتباطه بالاحتياجات الواقعية للمجتمع، وتراجع مستويات الخدمة والخوف من السلطةومن رموزها وعدم الثقة في دوائرها.
ويترتب على هذه الخصائص سمات محددة للرأي العام من أهمها: السطحية وعدم العمق فضلا عن المخاوف والتشكك في عمليةقياس الرأي العام وجدواها، والتطرف وتراجع الشرائح المعتدلة من الرأي، والسلبية وعدم الاهتمام وعدم المشاركة، وصعوبة القياس وضرورة مراعاة اعتبارات خاصة عند القيام به.
فمن شأن انخفاض مستويات الوعي والثقافة وسيطرة مفاهيم الاذعان والخوف من السلطة، ان ينشأ رأي عام يتسم بالسطحية، وقد يتجه الأفراد إلى إبداء آراء في العلن مخالفة لما يعبر عن حقيقة مواقفهم، أما بسبب الجهل او عدم العلم، أو عدم الاهتمام أو لعدم الرغبة في التعبير عن الرأي والتهرب من إبدائه.
ويعاني المجتمع النامي عادة من ندرة في الإحصائيات وبحوث الرأي العام ودراساته، وعدم كفاية أو دقة ما هو متوافر منها، فضلا عن ندرة الباحثين المتخصصين ممن لهم خبرة كافية ودراية بالمتطلبات التي تضمن الثقة والمصداقية في عملية القياس في مجملها بصفةعامة وما تسفر عنه من نتائج خاصةوان بحوث الرأي العام وقياداته في الدول العربية غالبا ما تختلط بأهداف سياسية او جهوية، كما تختلط عمليات التوعية بالتوجيه الأيدولوجي .
ومن اهم الصعوبات التي تواجه أبحاث الرأي العام في الدول العربية: ضعف الممارسة السياسية أو عدم أتاحتها أو ممارستها، وتراجع معدلات المشاركة الشعبية ومظاهر التعبير عنها،واختلاط نظرية التوعية بنظرية التوجيه السياسي، وصعوبة الاستناد إلى القيم الثقافية في عملية قياس الاتجاهات وذلك لأن المجتمع ينقسم إلى عدد كبير من المجتمعات الفرعية، وندرة الأبحاث الاجتماعية السابقة التي يمكن الاعتماد عليها وعدم كفايتها حيث تتطلب بحوث الرأي العام احصائيات دقيقة حديثة وموثقة ومحبوبة بطريقة تسمح بسهولة الوصول الى المعلومات والبيانات المطلوبة، وعدم وجود أو على الأقل ندرة الخبراء المتخصصين.
